وجد الإنسان الموريتاني نفسه فجأة أمام واقع جديد لم يسع إليه ولا خطر له على بال، فكان يتعامل معه انطلاقا من تجارب حياتية لا تمت إليه بصلة، فأبرز ذلك غرائب وفرائد بدأت تتلاشى منذ تعود على هذا الواقع ومستجداته.
أحد المهتمين بتحصيل الأخبار والتحقق منها كان إذا بث خبر أو بلاغ سار إلى من لديه مذياع من الجيران سائلا: “هل قالت رجوكم مثل ما قالته رجو آل فلان؟” وآخر قال إن أمرا ما ثبت لديه حين اتفقت عليه “ثلاث رجوات كلهم أكذب من لگلوگ، ألا فيهم وحده عالمه ابلخره”!
آخر شاهد أثناء البث التجريبي للتلفزيون (1983) جيشا من البشر يحمل ترسانة من الآلات الموسيقية فسأل ما خَطْبُهم فشُرح له أمرهم، وأثناء تتبعهم انتبه إلى موزع النغمات وهو يتحرك حاسرا أعزل بينهم، فلم يفهم شأنه وإنما سأل باستغراب: “ما ايوخظُ عنهم المجنون اصَّه كانهم إيصيبُ للهول”!
أخرى جاءت من الداخل إلى ابنها المقيم بإحدى كبريات المدن لتنال من ماله ما تصلح به شأنها وتلومه على التقصير في حق بيت أبيه، وأثناء وجودها معه استمتعت بالشاشة الفضية، وفي أحد الأصائل فوجئت بظهور مشايخ كبار عليها، وكانت متخففة من ثيابها فبادرت إلى تغطية رأسها وجسمها وأطرقت خجلا، ولم تغفر لآلها “إدخالهم عليها” دون إخبار سابق.
وحين عادت من حيث أتت كانت عاذرة لابنها مشفقة عليه من غوائل كنتها التي “أهلكته بحفلات المطربين!” (تعني ما يبثه التلفزيون طبعا!).